إيجار المنزل متوسط الحال تجاوز المليون وامتلاكه يحتاج إلى معجزة

إيجار المنزل متوسط الحال تجاوز المليون وامتلاكه يحتاج إلى معجزة

إعمار سورية :

تتجه أنظار معظم مالكي العقارات للتجارة بإيجاراتها، بدل بيعها وخسارة الربح المتوافر شهرياً منها، تماشياً مع وضع السوق العقاري وارتفاع أسعار مواد البناء وعجز معظم المواطنين عن اقتناء منزل وعدم قدرة أكبر قرض سكني عن إيفاء ثمن شقة سكنية في منطقة عشوائية.

صاحب أحد المكاتب العقارية بالمزة «مكتب الساحة»، بين أن السعر الرائج للمنازل يبدأ اليوم من 50 مليوناً كحد أدنى، لمنزل بمساحة صغيرة وبكسوة إسكان قديمة وفي منطقة عشوائية غير مرخصة، على حين يتجاوز اليوم سعر بعض المنازل المليار ليرة، لافتاً إلى الأرقام الفلكية التي يطلبها أصحاب البيوت اليوم كإيجار شهري في المناطق العشوائية والتي تبدأ من 500 ألف وتنتهي بمليون ونصف المليون، مع دفع مقدم لستة أشهر أو عام.

وسط هذه الأسعار الجنونية، تقول رنا عبدو «موظفة ومستأجرة لمنزل في المزة»: إن الكثير من أصحاب العقارات وأصحاب المكاتب العقارية باتوا يستغلون حاجة الناس في السكن، متسائلة عن كيفية الاستمرار بدفع أجور عالية للمنازل، مقارنةً مع رواتب لا تُسعف حتى بسداد أقساط أقل قرض سكني، كما أن اقتناء منزل بات معجزة وليس حلماً، موضحة أن إيجار منزلها بمنطقة المزة اليوم مليون و300 ألف، مع دفعة مقدمة لعام كامل وإصرار صاحب المنزل على إضافة بند رفع إيجار المنزل خلال هذه المدة تماشياً مع الأسعار ضمن عقد الإيجار.

متعهد البناء نسيب أحمد وصاحب ورشة مؤلفة من «14» عاملاً ربط ارتفاع أسعار الشقق السكنية بارتفاع أسعار مواد البناء، كاشفاً في تصريح خاص لـ«الوطن» أن سعر طن الحديد وصل إلى 10.800 مليون ليرة، والإسمنت إلى 750 ألف ليرة للطن على الرخصة، أما خارج رخصة البناء 1.250 ليرة، بكرة شريط تربيط 25 كغ 550 ألف ليرة، علبة مسامير كرتونة 5 كغ 75 ألف ليرة، بحص مرقية 115 ألف ليرة، بحص حسية 110 آلاف ليرة، رمل تلييس قرواني 150 ألف ليرة، رمل البناء والصب 90 ألف ليرة، بودرة حموية 130 ألف ليرة، سعر متر نجارة الباطون مع صب وسطياً 120 ألف ليرة، سعر متر حفر قواعد وسطياً 12 ألف ليرة، كما أن تكلفة متر سطح البناء مع عامود وسطياً 475 ألف ليرة.

ولفت أحمد إلى أن مخصصات ورش البناء والإكساء من الإسمنت المدعوم مع احتساب أجرة النقل اليوم تصل إلى أكثر من مليون ليرة للطن الواحد، بكميات بين (15-20) طناً على دفعتين كل شهر، مبيناً أن هذه المخصصات لا تكفي بناء ملحق واحد، ما يدفعهم لشراء الإسمنت «حر» كي لا تتوقف ورشهم عن العمل ما سيؤثر سلباً على أسعار العقارات ويرفع سعرها، مشيراً إلى تراجع مبيع العقارات، واتجاه معظمها للإيجارات وهو كسب زائد لمالك العقار وكارثة بحق المستأجر.

بدوره الخبير في الاقتصاد الهندسي الدكتور محمد الجلالي أوضح أن مشكلة العقارات من مجمل مشاكل أخرى نعاني منها، فالارتفاع لم يقع فقط على سوق العقارات، فاليوم تكاليف النقل ارتفعت، المواد الغذائية ارتفعت، وهذا ما يسمى في سورية ارتفاع المستوى العام للأسعار بسبب ظاهرة التضخم وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن وهو سينعكس سلباً على كامل المواد والخدمات بما فيها سوق العقارات.

وبين الجلالي  أن ارتفاع أسعار العقارات أقل من باقي الأسعار، فاليوم الذي يمتلك منزلاً ويأجره قد يكون مصدر دخل له، وهذا الارتفاع متناسب مع الارتفاعات في أسعار المواد والخدمات، وسوق العقارات عرض وطلب وطالما هناك من يدفع المليون إيجار منزل سيستقر الطلب على هذا السعر، وهو في علم الاقتصاد عادل، ولا يخرج عن القاعدة الاقتصادية إلا في حال طلب المليون ليرة ولم يجد من يدفعها ويوافق عرضها.

وأوضح الجلالي أن صاحب المنزل الذي كان يتقاضى إيجار 50 ألف ليرة وهي مصدر دخله، كانت القدرة الشرائية لهذه الـ50 ألف ليرة أكثر من المليون ليرة اليوم التي تساوي ثلث القدرة الشرائية للـ50 ألف ليرة في 2016، مضيفاً: إن المشكلة الأكبر اليوم هي أجور النقل والتي تضخمت لحد 300 بالمئة.

وعن حلول لوضع سوق العقارات أشار الجلالي إلى أننا نعيش حالة عدم استقرار اقتصادي، بسبب التغير اليومي بمستوى الأسعار، ما يشكل مخاطر على الاستثمار، خاصة في سوق العقارات، بالتالي عدم القدرة على بناء وحدات سكنية جديدة وزيادة العرض، وتحسين الوضع واستقرار سوق العقارات، وهذا اليوم غير متاح والمستثمر يبحث عما هو أكثر استقراراً وأقل خطورة أو بصورة غير قابلة للتغيير، مبيناً أن اليوم كلفة بناء منزل أكثر من سعر منزل جديد قياساً بأسعار الكلف، والحل باتباع سياسات اقتصادية مستقرة وواضحة.

الوطن