الدكتور عمار دللول: بعد الشراكة الاستراتيجية مع الصين.. ألم يحن الوقت لاستكمال إنشاء المحول الوطني
إعمار سورية :
حفلت جعبة السيد الرئيس بشار الأسد خلال زيارته إلى الصين بجملة من الملفات السياسية والاقتصادية التي ناقشها مع الجانب الصيني.. فالوجهة اليوم شرقاً، والمضيف ثاني أقوى اقتصاد بالعالم، والمرحلة حساسة ودقيقة على المستوى المحلي والعالمي، ومن هنا جاءت التحليلات والتأويلات الكثيرة للزيارة ونتائجها منذ اللحظات الأولى التي كان سيادته والرئيس الصيني يقرران فيها المضي نحو علاقة استراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات.
ومن الواقعية القول إن ما قبل الزيارة ليس كما بعدها، لا سيما وأنها حظيت بترحيب شعبي صيني لافت لا يمكن تجاهله في رسم صورة العلاقات الثنائية بين البلدين في المرحلة القادمة، وإن كانت مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني وانضمت إليها سورية في العام الماضي، هي الشكل الخارجي لتلك العلاقات، فإن مضمون الزيارة يقوم على واقع جيوسياسي يضع سورية في صميم الرؤية الصينية لشكل العالم الاقتصادي الجديد، وبالمقابل يمنح الجانب السوري فرص الحصول على الصناعات الصينية التي فقدت تنافسيتها مؤخراً بسبب ارتفاع أجور الأيدي العاملة بالصين، وإعادة توطينها في سورية، ناهيك عن الاستفادة مما تملكه الصين في قطاع الزراعة والبناء والتشييد والتكنولوجيا وغيرها من القطاعات القادرة على بث الروح والنبض في شرايين أي اقتصاد بالعالم.
كل ما ذكرناه من مزايا وفرص يبقى حبيس الأدراج والأوراق مالم يتم تهيئة البنية التحتية اللازمة لنجاحه، فالتعامل مع ثاني أكبر اقتصاد عالمي بما لديه من منصات تجارية الكترونية "علي بابا- علي اكسبرس وغيرها" لا يمكن أن يكون من خلال الواقع الحالي للتجارة الالكترونية في سورية، والبنية التحتية والتشريعية الخاصة بها، بل يقتضي الارتقاء بتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي لمجاراة أكبر سوق إلكتروني بالعالم، وتضافر جهود القطاع الخاص والمنظمات غير الرسمية من اتحادات غرف التجارة والصناعة وغيرها لتطوير منصات على هذا القدر من المستوى، كذلك بات لزاماً تفعيل القنوات الاقتصادية القائمة على تقنيات المعلومات، واستكمال إنشاء المحول الوطني والعمل على إنجاز الربط الإلكتروني مع الصين وغيرها من الدول الصديقة لإنجاز عمليات الدفع الالكتروني والتحويل بالعملات الوطنية وإلغاء الدولرة بين اقتصادياتها، وغيرها من الإجراءات التي لا نملك رفاهية الوقت بالسير بها.
تأتي الشراكة الاستراتيجية السورية الصينية اليوم، لتتكامل مع ما تم إنجازه من الاتفاقيات الموقعة بين سورية وإيران خلال شهر أيار الحالي، وتخلق فرصاً حقيقية أمام الاقتصاد السوري لمواجهة التحديات وتذليل الصعوبات التي تعترضه، وسط مراهنات خارجية على قدرته على ذلك، وإيمان سوري وثقة مطلقة بالقدرة على الإنجاز والعودة بسورية أفضل مما كانت.